Saturday, May 15, 2010

سيظل النهر يطاردنى

و لأني حين شققت الصدر

حين رأيت العمر نثاراً

حين بكيت

و لأنكِ أنتِ المعنى ، آخر معنى ،

آخر فجر

و لأن الناقة لا تعدو

و لأن المعنى مقهورٌ

و لأن اللغة جدارٌ صلب

و لأن السكين المشرع فوق الرقبة لا يتزحزح أبداً

و لأني لا أطلب رد

سيظل النهر يطاردنى

--------------------
اللوحة للفنانة التشكيلية العراقية / صباح المعمار

Friday, March 12, 2010

النادمون

(1)

يا سيدنا ..

ما أذنبنا

كل ما فى الأمر ،،

أن نهراً تدفق بسرعةٍ جنونية

و لم يستمع لنداءات الراجين من حوله

صدّقنا ، حاولنا أن نوقف تدفقه

إلا أن كل محاولاتنا باءت بالفشل

قرأنا عليه كل آيات الكتاب

ناشدناه بكل أسماء الله

و لكن يبدو أن النهر كان ملحدا

يبدو أن إهمالنا له كل تلك السنين

أيّسَه من كل شئ ،،

أيّسَه حتى من الله

النهر فى تدفقه لم يكن حنونا

لم يكن رفيقا بالجدر التى أسقطها

رغم صفائه الشديد

فإن اندفاعه أودى بترقرقه الذي يبهج الناس

أظهره كوحشٍ عابسٍ من وحوش الأساطير الإغريقية القديمة

إن الحكاية جدّ طويلة

لم تبدأ بتدفق النهر

و لم تنته بسقوط الجدران

(2)

لعلها بدأت مع ذلك الغريب

الذي زارنا من أمدٍ بعيد

و أخذ يحدثنا عن الخير و الحب و الحرية

لم نستطع وقتها أن ندرك ما حولنا

بل لم نستطع أن ندرك حتى ذواتنا

التي قد كان طبع عليها خاتم الزمان الأزلي

فقط أنصتنا لما يقول

و بعد سنينٍ قصيرةٍ من الإنصات ..

أحببناه

يا سيدنا

صدقنا – بالله – ما قصدنا حبه

ما قصدنا أن تتعلق آذان قلوبنا بصوته الرفيق

لكن ذلك حدث

أنت تعلم – يا سيدنا – أن ذلك ليس بملكنا

(3)

قد كان طيبا و عجوزا

ليس كل العجزة طيبين

لكن كل الطيبين عجزة

كان ينشدنا سيرة الوجود الأول

و كنا – رغما عنا – نرى الوجود الآخر

أرهق قلوبنا كثيرا

حينما مات

لم نبكه

فقط جئنا و جلسنا فى نفس المكان الذى كان يجلسنا فيه

ثم سرحنا

لم تسل دمعة من أيِّنا

لكننا – جميعا – سمعنا صوته يقص علينا آخر الحكايا

نعم ؛ آخر الحكايا كانت بعد موته

هكذا كل الطيبين

يأبون أن تكون خاتمة حكاياهم قبل الموت

و يأبون ألا يتموا حكاياهم

حينما كان يحدثنا – ببادئ الأمر – كنا نشعر بقطيراتٍ بريئة من الماء

كانت تبهجنا كثيراً

لم نكن ندرى ما تخبئه تلك القطيرات فى ضمائرها

حينما مات الغريب ، الذى تذكرنا أننا لم نعرف اسمه ..

بدأنا نشعر بسيال الماء

إلا أنه – لبراءة قلوبنا – أسعدنا أيضا

(4)

كان الغريب يقول لنا

إن الحب يحوى الثورة

و إن الثورة قد تكون سوداء

لكن الحب – دوما – أبيض

الحب قبل الثورة

قال لنا ؛

إن اشتدت الثورة سوادا

ابحثوا عن الحب

فالحب يأتى بالثورة ،

و لكنها – الخائنة – لا تأتى بالحب

لم نفهم

أذهاننا كانت معلقة بتفاصيل الحكاية

الحكاية التى لم تكتمل أبداً

(5)

يوما قال لنا حبشى

أتعرفون لماذا اتخذوا الأحباش عبيدا

لم نكن نعرف بالطبع

حيّرنا السؤال

لمَ لم يصبح النورديون هم العبيد

و الأحباش هم السادة ؟!!

يبدو أن الحكاية لا بداية لها

أو أنها بدأت من حيث لا ندرى

(6)

لم نكن نحن من فجرنا النهر

لكنه تفجر

لذلك – و لذلك فقط - ندمنا

ندمنا كثيرا

و قلنا ليتنا لم نفعل

إلا أن الأمر زاد التباسا علينا

كنا نريد أن نعلم

– نعلم و حسب –

ما هو الذى ليتنا ما فعلناه ؟!!

كان الغريب يقول لنا

لا ندم بلا فعل

و لا فعل بلا قرار

و لا قرار بلا عقل

و نحن لم نعقل و لم نقرر و لم نفعل

إلا أننا وجدنا أنفسنا نادمين

يبدو أن الغريب لم يعلمنا كل شئ

يبدو أنه كان يخدعنا

(7)

يا سيدنا

سنصلح ما أفسده النهر

إنا نادمون

-----------------------
اللوحة للفنان الفلسطينى / إسماعيل شموط
بعنوان ؛ إلى أين

Saturday, March 6, 2010

اليهود " انثروبولوجيا "



كان من الممكن – بل هو الطبيعى - أن يصبح كتابا يضم
هذا الكم الكبيرمن المعلومات - على صغره - أن يصبح كتابا متخصصا مرهقا

و لكن تميز الكتاب برؤيته المعرفية الحقيقية ، التى تحدد أنماطا إدراكية تفسيرية و ترصد تكرارها فى ضوء التاريخ و الجغرافيا و الأنثروبولوجيا ، جعل من الكتاب كتابا عظيما بحق .

فهنا أنت لست فى حاجة إلى تدوين المعلومات أو حتى حصرها حتى توهم نفسك أنك قد استفدت من الكتاب .

تقرأ عن الكنعانيين و اليبوسيين و الفلسطينيين و غيرهم ، و الشتات البابلى و الهيللينى  و هجرات اليهود فى العصور الوسطى و العصر الحديث دون أن تعبأ بالتذكر الكامل لكل التفاصيل . 

فقط وصولك إلى الرؤية المعرفية - النماذج الإدراكية - التى وراء الكتاب و المدعمة بالحقائق و المعلومات المرتبة و المنتقاة و المفصلة بشكلٍ إدراكيٍ واعٍ ، وصولك إلى هذه الرؤية هو الفائدة الحقة من الكتاب .

أن تصبح أكثر حكمة بمجرد انتهائك منه 

رحم الله الأستاذين ، حمدان و المسيرى .




ملاحظة : الكتاب إصدار دار الهلال ،و هو بالأصل تحديث لنسخة قديمة 1967 ؛

فقدم له الدكتور المسيرى مقدمة طويلة و شائقة ، و أضاف إليه ملحق تحديثى ،،

ذلك أن المنهج الفكرى الذى وضعه حمدان غير مقيد بزمن - على حد تعبير الدكتور عبد الوهاب المسيرى .

                                   


Saturday, February 27, 2010

هذا ليس كتاباً ... إنه حياة



كثيرا ما كنت أشعر أننى لا أحمل كتابا بين يدى

و إنما أحمل كائنا حيا

أسمع نبضات قلبه ،

أشعر بحزنه و سعادته

أشعر بتطفله البرئ أحيانا

كثيراً - و عن غير قصد - ما كنت أبتسم له

و الغريب أننى كنت أراه يبادلنى ابتسامةً نقيةً صافية بريئة

لقد أحببت كثيرا من الكتب

لكن هذا الكتاب وسّع نموذجى الإدراكى - على حد تعبير مؤلفه - لمعنى الكتاب

عرّفنى بثنائية جديدة

ثنائية الكتاب الإنسان الذى يختلف عن الطبيعة / المادة و يتجاوزها

فى مقابل واحدية الكتاب الطبيعى / الكتاب المادة

رحمك الله يا أستاذنا

إن كان الله قد قضى ألا أكون أحد تلامذتك المباشرين

فقد بعثك إليّ روحا طيبة ترافق روحى المتعبة و تطمئنها و إن لم تطل الفترة

شكرا لك يا أستاذ ، أكرمت ضيافتنا

ختاماً لا يفوتنى أن أشكر الصديق العزيز/ إسلام بلبولة الذى أعارنى الكتاب

Saturday, February 20, 2010

صمتٌ ... أو هكذا بدا


نظرت
نظر
بكت
قال لها بلا صوت
ردت عليه ببعض السكوت
عاتبها
أشاحت بوجهها كمن يرفض العتاب
صمتا طويلا
كمن قررا أن يستريحا من هذا السجال
قطع قدسية صمتهما بابتسامة صامتة
ردت عليه بنظرة رفض تعاتبه على تفاهة ابتسامته
بكى
بكت
نظرا
مرت على وجوههما كل السنين
تذكرا الصخب الذى امتلأت به أجولة سنينهما
لم يحتملا
توسلا
لم تستجب
زاد الصخب
زاد التوسل المردود سلفا
فجأة
أخذ الصخب يبهت
أخذ الصمت يعود
بكى
قالت له بلا صوت
رد عليها ببعض السكوت
انتصر الصمت تماماً
لحظاتٌ قصيرة
بعدها
قطع الصمت
استبدل بصمت أبقى و أشد
ماتا
أو هكذا بدا

http://www.youtube.com/watch?v=1XY8NaSeElE

Wednesday, February 17, 2010

لحظات حانية .. قصيدة نثرية

لحظات حانية

كشيخٍ فى السبعين

لم يعد يملك شيئاً

لا زوج له ، لا ولد له

نظر إليها

و هى الغضة تمتلئ شباباً و حياة

أطرق

سرحت بأخدودٍ من أخاديد وجهه الكثيرة

دمعةٌٌ ساخنة

ثم فى غفلةٍ من كل شئ

قبلته قبلة ً مسترقةً من الزمن

لا مقدم لها و لا خاتم

نقطةٌٌ من النور التائهة

تعبر طيات جسدى السميكة

مستقرةً بعمق القلب

عندها

لنا أن نزعم أن الزمن قد يهزم