Thursday, September 3, 2009

الفن بين الرسالية و الأدلجة

بسم الله الرحمن الرحيم

بدايةً ، أود أن أعتذر لكم عن عدم تقديمى للمدونة ، و البدء مباشرةً
ذلك أنى لا أحب المقدمات كثيراً
و قبل أن أعرض عليكم أولى تدويناتى

فإننى أود - من باب من لم يشكر الناس لم يشكر الله - تقديم الشكر لكل من

معاذ ، عمار البلتاجى ، إسلام بلبولة

إذ أن هذه التدوينة هى نتاج نقاشات كثيرة معهم

الآن أترككم مع أولى تدويناتى .. أتمنى أن تحوز إعجابكم




الفن بين الرسالية و الأدلجة

1- ماهية الفن .

2- دور الفن فى المجتمع .

3- معايير الحكم .

4- الرسالية كمعيار .

5- أدلجة الفنون .



1- ماهية الفن :


حينما أتحدث عن الفن ، فإننى أقصد الفن بمعناه الواسع الذى يشمل أنواعاً كثيرة و متعددة من أشكال الإبداع البشرى .

و على ذلك يمكن أن نعرِّف الفن ؛ بأنه كل إبداع إنسانى يحتاج إلى موهبة خاصة ؛ يتفرد بها الفنان عن غيره من الناس .

و تشترك الفنون جميعاً - بأشكالها المتباينة و المختلفة - فى أنها تعد نتاجاً نهائياً لعملية تفاعلية معقدة تتم بين العقل و الشعور أو الوجدان .

فالوجدان يطلق صافرة بدء الانسياب الفنى ، و العقل - بعد ذلك - يوجه هذا الانسياب و يبلوره فى نموذج فنى معين .

أى أن العمل الفنى الحقيقى و إن كان - بلا شك - يحتاج إلى العقل و التفكير المنطقى لبلورته و اكتماله ؛ إلا أن صاحب اليد العليا - دائما ً- فى الفنون الإبداعية الإنسانية يظل هو وجدان الفنان ، و هذه النقطة تعد فى غاية الأهمية عندما نريد أن نحدد معايير الحكم على العمل الفنى .


2- دور الفن فى المجتمع :


لا خلاف أن الفن الحقيقى يلعب درواً هاماً و فعالاً فى المجتمع ، و لكن الخلاف يظهر و يتضح عندما نتحدث عن ماهية و شكل هذا الدور الذى يلعبه الفن فى المجتمع .

فى رأيى ؛ إن الفن الحقيقى الصادق هو ذلك الفن الذى يعبر عن مجتمعه ، بأحلامه و واقعه ، بسلبياته و إيجابياته ، بآلامه و آماله ، و أظن أن هذا هو الدور الحقيقى الذى يجب أن يعوَّل على الفن " التعبير الصادق عن المجتمع " .

أما الأدوار الأخرى ؛ التى يعتقد البعض أنها يجب أن تلقى على عاتق الفن و الفنانين ، كعرض الأطروحات و الايديولوجيات ، أو التعريف بالصواب و الخطأ ، فأنا أرى أن هذه الأدوار - على أهميتها - ليست من أدوار الفن الحقيقية ، و إنما يمكن أن تكون من أدوار الفكر أو الاجتماع أو غيرهما من العلوم الإنسانية النبيلة الأخرى ، أما الفن - بشكله الذى أؤمن به - فلا أظن ذلك .


3- معايير الحكم :


يمكننا من خلال ما سبق أن نقسم معايير الحكم على العمل الفنى إلى قسمين :

1- معايير شعورية وجدانية :

فى رأيى ، أن هذه المعايير هى الأهم ، و ذلك لأنه - كما قلنا - أن الوجدان هو صاحب اليد العليا فى إنجاز الأعمال الفنية الحقيقية ، لذلك فإنه من بابٍ أولى أن يكون الحكم على هذه الأعمال مكافئ للشكل الذى أنجزت به .

و يشمل هذا القسم عدة معايير ، تختلف باختلاف كل قالب فنى ، و لكنها تشترك فى ؛ ضرورة صدق العاطفة ، و الاتيان بما هو جديد ، و حجم الخطاب الإنسانى النفسى .

2- معايير عقلية منطقية :

لا يمكن إغفال هذا القسم أيضاً ، لأن العاطفة الصادقة لا يمكن أن تتبلور فى شكل عمل فنى إلا بالعقل و التفكير المنطقى ، فهذه المعايير هى التى تضمن للقالب الفنى وضوحه و خصوصيته ، كما تحفظه دائماً كنموذج يستطيع الفنان الإبداع من خلاله .

و يشمل هذا القسم عدة معايير ، من أهمها ؛ الحفاظ على قواعد و قوانين هذا الفن ( مثلاً فى الشعر يمكن أن نتحدث عن الوزن و القافية و الأبحر الشعرية ) ، و أيضاً الرسالة العقلية التى يريد الفنان إيصالها للمتلقى " رسالية العمل الفنى " .


4- الرسالية كمعيار :


الرسالية - التى أقصدها - يمكن أن نعبر عنها بالقيم الأخلاقية و الإنسانية التى يريد الفنان إيصالها للمتلقى من خلال العمل الفنى الذى يقدمه ، و كما أشرت سابقاً ؛ فإن هذا المعيار يعتبر واحداً من المعايير العقلية التى يحكم بها على العمل الفنى .

عندما تأخذ الرسالية - كمعيار - هذا الحجم ، فلا تظهر أية إشكالية ، المشكلة الحقيقية تتجلى عندما تأخذ الرسالية حجماً يختلف عن حجمها الحقيقى ، فتظهر عندنا إشكاليتان :

أ- إشكالية فى إنجاز العمل الفنى :

هنا يجعل صاحب هذا العمل اليد العليا لمعيار الرسالية ، و هذا يختلف عن طبيعة الفنون - التى يجب أن تكون اليد العليا فيها لوجدان الفنان كما أشرنا من قبل - فيتعامل مع العمل الفنى ؛ و كأنه بحث يريد إنجازه ، أو خطبة وعظية يريد من خلالها أن يرسخ عدة مبادئ ، وهو ما يحيل هذا العمل الفنى إلى كيان مشوه ، كما أنه يصبح غير صالح لتخويله الدور الحقيقى الذى يلعبه الفن فى المجتمع ، و هو " التعبير الصادق عن ذلك المجتمع " .

ب- إشكالية تقييم العمل الفنى :

هذه أيضاً تعتبر إشكالية كبيرة ، إذ أنها تضع فنوناً ذات قيمة فنية عالية ، و ترفع فنوناً أخرى لا قيمة لها .

لا أحد ينكر أن الرسالية معيار هام فى الحكم على الفنون ، و لكنها لها وزن نسبى معين ، فالفنان الذى لايراعى هذا المعيار ، قد أخطأ ؛ و لكنه خطأ لا يدمر عمله الفنى أبداً ، و هكذا تطبق نفس القاعدة مع العمل الفنى الذى راعى معيار رسالية عمله الفنى ، و أغفل المعايير الأخرى التى تفوق الرسالية فى الأهمية و الفاعلية .


5- أدلجة الفنون :


أقصد بالأدلجة ؛ تحويل العمل الفنى إلى ساحة تتصارع فيه الايديولوجيات الفكرية لتنتصر إيديولوجية معينة فى النهاية .

فى رأيى ؛ هذه جريمة ترتكب فى حق الفن ؛ إذ أنها توكل إليه دوراً ليس من أدواره على الإطلاق ، كما أنها تستخف بعقل المتلقى و تفكيره إلى حد بعيد .

و إذا كنّا قد تحدثنا عن الإشكاليات الناتجة عن إعطاء الرسالية - كمعيار حكم - حجماً يختلف عن حجمها ، فإن هذه الإشكاليات تتضاعف و تتفاقم عند حدوث ما يعرف بأدلجة الفنون ، ذلك لأن الرسالية - أولاً و أخيراً - مبدأ غير مرفوض إنسانياً ، فلا أحد يختلف حول معانى العدل و الحرية و المساواة و الصدق وغيرها من القيم الإنسانية النبيلة ، أما الايديولوجيات المختلفة - و هى فهم هذه القيم بشكل معين و تحويلها إلى منهج فكرى مرجعى - فإن هذه الايديولوجيات لا يتفق عليها إلا أتباعها ، فهى أبداً ليست محل اتفاق إنسانى .

الطامة الكبرى ؛ هى عندما يتم تصنيف الفنون على أساس ايديولوجى ، فنحن هنا لم نعطِ للايديولوجيا - التى هى أصلاً ليست معياراً فى الحكم - لم نعطها حجماً أكبر من حجمها فحسب ، و إنما جعلنا التصنيف على أساسها ، فنجد ما يعرف بالأدب الإسلامى و الأدب الاشتراكى و الأدب الليبرالى و غيرها من التقسيمات التى - كما أرى - تستخف بعقل المتلقى و لا تحترم تفكيره

بالمناسبة ؛ أنا لا أرفض هذه التقسيمات إذا كانت تعبر عن المجتمع ، بمعنى أن يصبح تعريف الأدب الإسلامى محدداً فى ذلك الأدب الذى يعبر عن المنطقة الإسلامية ، مثله مثل الأدب العربى أو الأوروبى ، و كذلك الأدب الاشتراكى بمعنى الأدب الذى يعبر عن المجتمعات الاشتراكية .



ختاماً ، أذكِّر بأننا فى دولنا العربية ؛ ظلمنا الفنون كثيراً ، حينما ألقينا على عاتقها أدواراً ليست من أدوارها الحقيقية ، و ظلمنا الفنانين ؛ حينما اعتبرناهم مفكرين و منظرين .

و من وجهة نظرى ؛ فإننا يجب أن نعيد للفن وظيفته الأصلية فى التعبير عن الإنسان و المجتمع .

آسف على الاطالة ، و أتمنى ألا أكون أصبتكم بالملل


25 comments:

  1. بصراحة مقالة رائعة على اختلافي معك في دور الفن فأنا على العكس أضع على عاتق الفن الكثير من الأمور التي ذكرت لأن الفن أحد أرقى طرق الحوار بين الأفكار والحضارات وصحيح أيضا أن لا يختزل فكر أمة بفنها (مع أنه مؤشر عميق على قيمها).
    وبالنسبة لتعريف الفن الذي ذكرت : أنت اختزلت الفن في التعبير عن ما هو واقع فماذا عن ما هو ات ؟ من أدوار الفن وضع رؤى وتصورات وتخيلات حتى العلماء لم يحلموا بها.. وهناك عنصر مفقود في التعريف وهو الفنان نفسه فهو يعبر عن ما يراه ويشعر به بخلاف الصحافيين فهم يقومون بالتعبير عن المجتمع كما هو بدون صبغة شخصية...

    سالم بامخرمة

    ReplyDelete
  2. السلام عليكم و رحمة الله

    حقيقة أشتاق إليك كثيراً أخى سالم ،، و أشتاق إلى مفاجأتك لنا الدائمة بكاميرتك السحرية

    اتفق معك تماما فيما ذكرت ، و أظن أننى لم أستطع إيصال ما أريده تماما إليك ،، ما أقصده أن الفن يجب أن يقيم بمعاييره هو لا بمعايير أخرى

    و جزء من هذه المعايير رسالية هذا العمل الفنى ،،، و لكنها ليست كل المعايير

    كما أننى قلت أن الفن الحقيقى هو الفن الذى تصدق عاطفة مبدعه فيه ( وجدان الفنان ) و يعبر عن المجتمع بما فى ذلك واقع هذا المجتمع و مستقبله و خيالاته و أحلامه و سليباته و ايجابياته

    أتمنى أن يكون وصلك ما أقصد أخى العزيز سالم

    و أكرر امتنانى و شكرى لك لزيارة المدونة و القاء السلام :)

    ReplyDelete
  3. صديقي العزيز
    احييك واهنيء الجميع بقلم واعد ومبدع
    وطرح موضوعي
    نفتقده كثيرا
    تحياتي

    ReplyDelete
  4. شكراً جزيلا يا دكتور على هذه المجاملة الرقيقة ، و الاثناء الجميل على تدوينتى البسيطة

    ReplyDelete
  5. ممممم
    الكلام كبير
    والصراحة انا مليش فى هذا الموضوع فصعب ادلو بدلوى فيه
    لكن انا خايف من كلامك
    علشان هو مشابه لكلام امثال خالد يوسف ال بيحاربوا مصطلح السينما النظيفه وبالنسبه لهم مفيهاش حاجه انك تجيب مشهد اباحى علشان الفن نقل ما هو فى المجتمع
    ومبررهم يشبه طرحك
    ان الفن مرأه للمجتمع بكل مساوءه وعيوبة

    ReplyDelete
  6. أبارك لك المدونة
    خطوة وان جائت متأخرة الا انها واجبة


    أحجز مكان ولي عودة مطولة ان شاء الله



    دمت بود يا مبدع

    ReplyDelete
  7. محمد هيكل
    سعيد بمرورك يا بشمهندس ، و سعيد بتشريفك المدونة مع بدايتها ،،،بالنسبة للموضوع ،، أنا وضحت ان أنا اطلاقاً مش قصدى اغفال الأعراف الاجتماعية و القيم و المثل ،، و ده حتى ملوش علاقة اوى بقضية رسالية العمل الفنى ، لأن دى أطر المفروض ان أى حد بيعمل فى أى مجال فى مجتمعنا يلتزم بيها ،،، أما كلام خالد يوسف فمن وجهة نظرى أنها كلمة حق يراد بها باطل ،، لأن مساوئ و سلبيات المجتمع مش شرط - بل مينفعش أصلاً - تناقش من خلال جسد المرأة العارى ،،، بس برده فى رأيى إن أهم أدوار الفن هو التعبير الصادق سواءاً كان هذا التعبير عن الفنان أو عن المجتمع أو عن حالة معينة ،، لكن هناك فرق كبير بين التعبير و بين الوعظ و الارشاد المباشر ، قد يكون التعبير فى حد ذاته وعظ لكنه يختلف تماما عن الصورة التقليدية .

    عمار باشا

    يسعدنى تشريفك ،، و بعدين أحجز ايه يا راجل ده انت صاحب مكان

    ReplyDelete
  8. سؤال من الذي يعبر عن المجتمع أليس المبدع و كيف يعبر عنه أليس من خلال أيدولوجيته اذن الفكر يظهر في العمل الفني و يظهر تنوع وتصارع الافكار في كل الاعمال الفنية اعترفنا بذلك او لم نعترف..تعبير التعبير عن المجتمع لا يتم تناوله بهذا القدر من التجريد لان المجتمع ليس محرك سيارة يعبر عنه بانه 4 سلندر بغض النظر عن القائم بهذا التعبير..التعبير عن المجتمع يتم من خلال وجهة نظر المبدع يعني تعبير مكسيم جوركي غير تعبير نجيب محفوظ غير تعبير نجيب الكيلاني وبالتالي افتراض ان الرسالية و الادلجة منفصلة عن العمل الفني افتراض يحمل الكثير من المغالطة و لكن هناك عمل فني أشبه بالوعظ المباشر و هناك عمل فني أكثر رشاقة في التعبير لكن المؤدي واحد العمل الفني يحمل فكر صاحبه حتى الهلس يحمل وجهة نظر هلسية عن الحياة..ما اريد الوصول اليه هو ان الفن رسالة تحمل فكر صاحبها و رؤيته للمجتمع و من حقنا ان نناقش ما يطرح من افكار على الساحة الفنية دون منح قداسة مزعومة للفنانيين بزعم ان مناقشة افكارهم يندرج تحت أدلجة الفنون و من حقنا ايضا ان ندينهم اذا يحدوا قيم المجتمع الذي يزعموا التعبير عنه و اساؤوا اليها بشكل سافر

    ReplyDelete
  9. اقطع دراعي من لغلوغه لو كنت فاهم حاجة

    ReplyDelete
  10. بس الف مبروك ياريس علي العودة للتدوين
    انت تقريبا قبل كده كنت مشترك مع حد في مدونة تقريبا وهو تقريبا نفضلك
    :D
    كان مين كان مين
    مش مهم بقي
    المهم انك رجعت الحمد لله

    ReplyDelete
  11. ماشاء الله يا دُك
    ربنا يكرمك

    موضوع الفن دا شاغل تفكيرك .. يارب تقدر تغير


    ومتخدش بالك من كلام شقلب .. هو عايز يحبط بس
    :D
    أكمل فى رعاية الله

    ReplyDelete
  12. abdullah

    أولاً سعيد جدا بتشريفك مدومنتى ،، ثانياً بالنسبة إن التعبير بيختلف باختلاف الفنان نظراً لايديولجيته و أفكاره ،، أتفق معك فى أن التعبير يختلف باختلاف الفنان و لكنى أرى أن ذلك يحدث نظراً لعدة عوامل متشابكة و متراكبة ،، و هى التى تكسب الفنان حاسته الفنية و تميزه عن غيره من الناس بل و عن غيره من الفنانين من هذه العوامل الايديولوجيا و الأفكار ،، و لكنها تؤثر بهذا الشكل تأثيراً غير مباشر باعتبارها مكون من مكونات شخصية الفنان ،،، لا باعتبارها مكون من مكونات العمل الفنى ،،، و فى هذه الحالة نكون أوكلنا لللفن مهمته و هى التعبير ،،، ما لا أراه مفسراً هو ذلك النموذج الذى يحاول تأطبر الفن فى جانب ايديولوجى ،، و هو يتشابه مع ما قلت عن المباشرة و الوعظية ،، أما ما تقصده عن ظهور رؤية الفنان للحياة و المجتمع و ظهور هذه الرؤية فى عمله الفنى ،، فأنا مثلا أشتم رائحة اليسار فى روايات مكاوى سعبد و لكنى لا أرفضها لأن الأمر هنا لم يخرج عن دائرة التعبير ،، و يبقى وجدان الفنان هو المتحدث ،، فأنا لا أرى ذلك أدلجة و إنما أراه جزء و مكون من مكونات التعبير ؛؛ أتمنى تكون وصلت لك وجهة نظرى :)

    معلم محيى

    ازيك يا باشا ،،،يلا بقى خلاص عفا الله عما سلف
    المهم انت منور :))

    ReplyDelete
  13. مسلم باشا منور ،، لأعيب عليك ده شقلب ده حبيبى :)

    ReplyDelete
  14. مدونة جيدة المهم انك من انصار ان الفن يعكس هموم المجتمه كما انه لا يقف عند هذا الحد بل يطور افكار المجتمع "الدور التنويرى للفن'' الموضوع كبير لاكن بداية جيدة

    ReplyDelete
  15. أولا : مبروك للمدونة بيك :D
    ثانيا : اسمحلي اقفز فوق أي نقاش حصل وأبدا من جديد :D
    ..
    أدلجة الفنون في رأيي ليست عيبابل أكثر من ذلك لا أجد مجالا للهروب منها ،وهناك الكثير من الأدب المصنف على أساس أيدلوجي وهو أدب ناجح ومن أعظم ما كتب الأدباء ،الأديب يرى المجتمع من نظارته الأيدولوجية وهو إن لم يفعل ذلك خرج أدبه مشوها عبثي لا فائدة منه ولا قيمة
    الرسالية عندي هي نفسها الأدلجة ولا فرق بينهما ،بل الكثير من المفكرين صاغوا أفكارهم أشعارا وروايات وقصص قصيرة
    ..
    المشكلة أوا لخطأ ليس في غرض إيصال قيمة أو رسالية ،المشكلة حين يأتي هذا الأمر على حساب القيمة الفنية للعمل الأدبي ،المشكلة حين تتحول الرواية لموعظة أو خطبة أو خطابا طويلا سطحيا مسخا ،الرسالية يجب أن تأتي كأنها تنساق مع الكلمات بلا هدى ،كأنها تختبئ بين الفصول بحيث لا يقدر كل أحد على اكتشافها ،يجب أن تسير بهدوء وتؤدة وتصل إلى أبواب القلوب والعقول دون رزع عالباب كأنها تستغفل القارئ
    ..

    ReplyDelete
  16. لو كان هدف الفن التعبير عن الانسان والمجتمع ،فهذا ليس عليه خلاف ،الخلاف في هل بمقدور أي إنسان أن يعبر عن المجتمع ويتجاوز انتماؤه الفكري لو مؤمنا به حقا ،فالاشتراكي مثلا سينظر للمجتمع نظرة معينة ويتهم بالحرافيش وقدرتهم على التغيير ،والإسلامي سيهتم بجانب آخر وأخر بجانب ثالث ،لأن كل منهم تبعا لفكره يقوم بتضخيم أجزاء من الواقع ويسلط الضوء عليها لأنه يرى أنها الأحق بالاهتمام وأنها أكثر أصالةمن بقية الجوانب
    ..

    ReplyDelete
  17. أ / حافظ أبو سعدة

    سعيد جدا جدا بتشريفك لمدونتى مع انطلاقتها

    اتفق مع حضرتك تماما فى دور الفن التنويرى ،، و لكنى اعتقد أن التنوير هو جزء أصيل من التعبير الحقيقي

    و دمت بألف خير

    ReplyDelete
  18. بلال

    منور المدونة و أتمنى ان يستمر هذا النور

    أعتقد أنه لا خلاف بينى و بينك ،، الخلاف هو خلاف مصطلحات لا أكثر

    فأنا كما قلت أوافق على الادلجة لوجاءت فى اطار تعبيرى حقيقى ، يعبر عنه بعاطفة صادقة ، و يقيم العمل الفنى على هذا الأساس ،، و هو ما عبرت عنه ختاما بأننى أوافق على التصنيف بهذه الطريقة إذا كان على أساس التعبير عن المجتمع ؛ أقصد طبعا رؤية الفنان للمجتمع .

    ما أرفضه تحديدا هو محورة العمل الفنى حول ايديولوجيا معينة ،، فى رأيى ذلك يفقد العمل الفنى أدنى درجات التعبير الحقيقية ،، و بذلك يفقده روحه و مضمونه ،،

    أعلم أن لا شك فى أن الفنان سيتأثر بمرجعيته و خلفيته الفكرية ، و لكن المفترض أن يكون هذا التأثر فى اطاره الطبيعى كمكون من مكونات شخصية الفنان التى تظهر من خلال عمله الفنى الصادق المعبر ، لا فى اطار الناصح الموجه ،، و هو ما أشرت اليه فى تعليق سابق .

    ختاما أكرر امتنانى بتشريفك يا بلال و أرسل معك سلامى لصديقك عبد الرحمن عياش :))

    ReplyDelete
  19. تمام
    اذن نحن متفقون أنه لا مشكلة اذا جاء الفن بشكل ذاتي وجداني صادق وان انتصر لأيديولوجية الفنان فلا مانع ان كانت بغير تكلف وبعفوية مطلقة

    متفق جداً مع رؤية بلال في تعليقه الأول

    ReplyDelete
  20. لعل ماسبق يكون قد أوضح أن التعامل فى مجالى الأدب والفن بشكل خاص حيث الخطاب متوجه إلى النفوس لا العقول فقط ، يلزمه اللمسة الجمالية التى لاترتبط بوجود حاجة .

    فلو كانت الأدبيات الإسلامية وكذلك الفنيات الإسلامية متحررة من اسلوب الوعظ والخطاب المباشر الذى يستهدف توصيل قيمة معينة فى وضوح تام ، ومنطلقة بتلقائية وسلاسة تبدع فنا للفن وإبداعا من اجل الإبداع لاستطاعت الحصول على جمهور عريض .

    ReplyDelete
  21. وازعم أن الفن للفن والإبداع من اجل الإبداع ( فى حدود وضوابط الأخلاق ) سيحمل فى ثناياه قيمة ” الجمال ” وقيمة ” الإمتاع ” طالما كان مسترسلا ينساب فى رقة وارتياح ، وهما القيمتان الأساس فى جذب الجمهور العريض ، وهما مرتبطان بالاسترسال والتلقائية بحيث يختفيان عند اول محاولة متكلفة لتوجيه الخطاب إلى شئ محدد وقيمة واضحة .
    وفى هذه الحال تنجذب نفوس الناس ومشاعرهم تلقائيا نحو الجمال والمتعة وحينها يعرفون متعة الأدب النظيف وجمال الفن النبيل .

    وهذا هو الأسلوب الذى خاطب الله به الناس ، تركهم ينظرون ويتأملون ، وتنساب إليهم قيم الجمال حتى يتبينوا هم فى تلقائية أنه الله ( سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) ، ورغم وجود الجبال لتثبيت الأرض إلا انها دائما تحتوى على اللمسة الجمالية كأن تكتسى بالأشجار أو النباتات أو الثلوج ، وهى اللمسة التى تمتع النفس فلا تقل فى أهميتها عن الحكمة التى تبهر العقل .

    ReplyDelete
  22. نسيت أن اهنئك بالمدونة القيمة
    ان شاء الله ستكون نافذة لنشر إبداعك القيم

    وأشكرك على شكرك :d
    لشخصي المتواضع في أول البوست


    دمت مبدعاً يا محمد
    كل عام وانت بخير

    ReplyDelete
  23. اتفق معك يا عمار ،،، و سعيد جدا بمرورك و تعليقاتك الجميلة

    ReplyDelete
  24. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  25. بداية مبروك على المدونة

    أخشى أن لفظة الإبداع: وعاء فضفاض يتسع ليشمل كل ماهو غير مألوف، ويصطدم مع ثوابت شرعية وقيم أخلاقية وفطرة سوية، فحتى الإبداع لاينبغى أن يكون مطلقا غير مقيد، وهذا القيد ليس من قبيل العقل أو الوجدان، فالأول أي العقل من ناحية،اذا ماترك له العنان قد يصل الى الإلحاد ،ومن ناحية اخرى فهو ليس معيارا ثابتا فالعقل الغربى –الفكر الغربى- يبيح الخمر رغم ضررها، ولايجرم الزنا رغم عواقبه، أى أن ماترتضيه عقول أقوام قد ترفضه عقول أخرى
    وكذلك الوجدان؛ لاينفع مطلقا فى أن يكون معيارا، وصاحب اليد العليا فى الحكم على عمل فنى ما، فقد يكون عمل فنى مثلا أغنية هابطة وارتضتها ألأذواق لأنها مست وتر حساس عندهم (أنا بأكره اسرائيل)وكتب له الذيوع والإنتشار وسرت فى وجدان الناس ولاينفى هذا كونها هابطة اذا ما تم تقييما حتى فنيا

    لن أتحدث من منظور شرعى (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاوأنكم الينا لاترجعون)(قل ان صلاتى ونسكى ومحياااااااى ومماتى لله رب العالمين)ء
    ولكن حتى الأمم السابقة كانت حريصة على أن يكون الفن هو المتحدث باسمها، معبرا عن أخلاقياتها سواء فى الحضارة الفرعونية أو الإغريقية، أوحتى فى حضارات الشرق الأقصى، فالفن اذا اعتبرناه أحد جوانب الحضارة فإنه لايقل أهمية عن العلوم الإنسانية النبيلة الأخرى، ومن ثم وجب أن يؤدى دوره الأخلاقى كغيره من الجوانب النبيلة، مادام مرتبطا بالإنسان (كشعر الجهاد ،ومشربيات الفنان الإسلامى التى تحفظ حرمة البيوت وتحافظ على خصوصياتها ... ،أما اذا نفينا عنه هذه الصفة وجعلناه شيئا اخر؛ فلنقل عنه أى شئ، كالمهرج الذى يُضحك الناس، وكالراقصة التى تثير الغرائز، كالأجساد العارية التى يتم نحتها وتصويرها .. قل عنها أى شئ أخر غير أنها فن يعبر عن هموم الناس، ويهديهم الى سبل مواجهة أزماتهم، ويأخذ بأيديهم لما فيه صلاحهم ورفعة مجتمعهم.

    نفترض أن هناك شعر سليم شكلا ومضمونا، والرسالة التى يريد الفنان توصيلها عقليا متكاملة ومتجانسة ولكنها تصب فى غير مصلحة القارئ أو المجتمع؛ كشعر السلام والتطبيع فى زمن الحرب، كشعر اللهو والتغنى بالنساء الحسان والخمر فى زمن الضعف والإنكسار او في اي زمان

    اخيرا ...... ألمس تناقض رهيب، هل تريد الفن معبرا عن الإنسان والمجتمع؛ إذن ينبغى أن يكون له دور، إذن سيكون وسيله من وسائل نشر الفكر الذى يدين به المجتمع، أى أنه سيصطبغ بصبغة اشتراكية أو رأسمالية أو اسلامية، لأن الفنان وليد مجتمعه من ناحية، ولأن جمهوره المتلقى الرساله غالبا من نفس صبغته، ومن هو خارج الإطار يمثل القاعدة التى يتم دعوتها للتعرف على هذا الفكر من خلال هذا الفن

    ReplyDelete